تشتكي إحدى الزوجات لأحد مستشاري التنمية البشرية حينما سألها ما الخطب؟ فأجابت بعد أن أجهشت بالبكاء: "زوجي.. يختلس الأوقات التي لا أكون فيها معه ليُحادث إحداهن من خلال "الواتس أب"، يحمل هاتفه الجوال كما يحمل الناسك سجادته، وكأن روحه في طيات هذا الهاتف.تقول:"أعلم تماما ما يدور بينهما من حوار، وأحترق احتراقا حينما أكون بجانبه، وهو يراقب نظراتي حتى يطمئن أنني لا أرى ما يكتب في هاتفه "النجس"، وأنا أتلوى تلوي الأفاعي في الأباطح ألما وحسرة، وفي المقابل لا أستطيع أن أبحث عن أحدهم لأحداثهُ ليل نهار كما يفعل انتقاما منه - رغم سهولة الأمر - ليس خوفا منهُ ولكنهُ الخوف من السميع البصير، وأنا مؤمنة أن الأخطاء لا تعالج بالأخطاء نفسها.. لستُ أدري ماذا أفعل فقد بدأت أنفرُ منهُ النفور الذي ليس له خط للرجوع!".
تسمرَّ المستشار من كلماتها وحالها المزري الذي وضعها به هذا الزوج، وأخذ يقول لها: "بعض الازواج يُدركون أنهم على قدر من الحيطة والحذر في إخفاء قبيح أفعالهم ولا يعلمون أن الزوجة تستشعر جميع سكناتهم وحركاتهم، واجهيه بقوة ولا تكتمي الأمر، ضعا مبادئ جديدة لعلاقتكما مبنية على الوضوح والصراحة والإخلاص، ولا تنسي أفضال الدعاء" تُجيبه بألم: سأواجهه وإن لم يرتدع لن يكون هناك حل غير الانفصال".
ليسَ هناكَ أدنى منزلة من رجل يخون زوجته التي لا تستحق إلا أن تُصان.. ظنا منه بأنهُ رجل والرجل لا يُعاب، متجاهلا أن الرجولة أن تكون مخلصا أمينا، متناسيا أن أساس تلك العلاقة المقدسة الإخلاص، التي باركها الرحمن وسيكون مُحاسبا على أوزاره تلك، وعلى ما خَلَفهُ من ألم لتلكَ التي تُدعى زوجته.. قليلٌ من الضمير مطلب أيها الزوج.
تتحدث إحدى الجميلات المتزوجات إلى صديقتها فتقول معترفة بأنها مغرمة بأحدهم، وإنها تجد معه الاهتمام والحب والغنج والدلال الذي لا تجده عند زوجها، يوقظها بأجمل الكلمات، تلتقي معه فتشعر من خلال اللقاء بأنها الأنثى الأجمل في هذا الوجود، يهديها دون مناسبات، تغادر من عملها متوجهة إلى سيارتها فترى بعض الورد وبطاقة كتب بها بخط يده: "سأبقى أحبك حتى آخر نَفَس"، يتوسل إليها أن تتطلق من زوجها لتكون زوجته، تضيف: أما زوجي، فرجل لا ألقى منه إلا النكد، والطلبات التي لا تنتهي، وصفر من الاهتمام حتى كدتُ أموت. تستنكر صديقتها صنيعها وتشعر بأنها قد عُدمت الكلمات ففعلها عظيم وقررت بعد نصحها أن تمسحها من قائمة الصديقات.
ليسَ هناك أوضع مكانة من امرأة تطعن زوجها في شرفه وإن تراكمت الأسباب وساءت بهما الأحوال، فنحن لا نعالج الأمور المزرية بالرزايا، ولا نقتل القليل الجميل بالقبيح الآثم.. قليلٌ من الضمير مطلب أيتها الزوجة.
لقد تفاقم في الحقبة الأخيرة مرض: "العشيقة والعشيق" ومنهم من يسميه تهوينا للأمر "الصديقة والصديق"، فيكون الرجل متزوجا ولديه زوجة كالقمر وأخلاقها أقرب للكمال، وهو يعبث بهذه ويتسلى بتلك، يُحادث هذه وتُحادثه تلك. وفي المقابل تكون المرأة متزوجة رجلا مخلصا لا يعرف غير عمله وأسرته فتكافئه زوجته بخيانة لو سمع بها لوقع مشلولا أو ميتا.
هل فقد الناس الهمة لعمل المفيد ولطاعة صادقة أو علم نافع، ليبحثوا عن مُحبطات الأعمال وعن ذنوب تُميتُ القلوب وتنطفئ من خلالها نور الوجوه، يتسولون المشاعر بطريقة دنيئة وبمسميات وضيعة، أحقا مات الضمير؟ وانعدم الخوف من السميع البصير؟ّ!
أن تنتشر الخطيئة لا يعني أنها أصبحت حلالاً طيباً مباركاً فيه، تبقى الخطيئة خطيئة وإن تفشت بين الناس، فإياكَ ومايُسودُ صحيفة أعمالك، فإن لم تستح من نفسك فاستح من زوجك وإن لم تفعل فاستح من الناس وإن لم تفعل فاستح من رب الناس فإن لم تفعل، فاعلم أنهُ لا قلب لك.
يقول عبد الله بن المبارك:
رأيتُ الذنوبَ تُميتُ القلوبَ.. وقد يُورث الذل إدمانها
وتَركُ الذنوبِ حياةُ القلوبِ.. وخير لنفسكَ عصيانها
اللهم إنا نسألك قلوباً تقيةً نقيةً.. آمين