الاثنين، 21 يناير 2013

"قليلٌ من الضمير"





تشتكي إحدى الزوجات لأحد مستشاري التنمية البشرية حينما سألها ما الخطب؟ فأجابت بعد أن أجهشت بالبكاء: "زوجي.. يختلس الأوقات التي لا أكون فيها معه ليُحادث إحداهن من خلال "الواتس أب"، يحمل هاتفه الجوال كما يحمل الناسك سجادته، وكأن روحه في طيات هذا الهاتف.تقول:"أعلم تماما ما يدور بينهما من حوار، وأحترق احتراقا حينما أكون بجانبه، وهو يراقب نظراتي حتى يطمئن أنني لا أرى ما يكتب في هاتفه "النجس"، وأنا أتلوى تلوي الأفاعي في الأباطح ألما وحسرة، وفي المقابل لا أستطيع أن أبحث عن أحدهم لأحداثهُ ليل نهار كما يفعل انتقاما منه - رغم سهولة الأمر - ليس خوفا منهُ ولكنهُ الخوف من السميع البصير، وأنا مؤمنة أن الأخطاء لا تعالج بالأخطاء نفسها.. لستُ أدري ماذا أفعل فقد بدأت أنفرُ منهُ النفور الذي ليس له خط للرجوع!".
تسمرَّ المستشار من كلماتها وحالها المزري الذي وضعها به هذا الزوج، وأخذ يقول لها: "بعض الازواج يُدركون أنهم على قدر من الحيطة والحذر في إخفاء قبيح أفعالهم ولا يعلمون أن الزوجة تستشعر جميع سكناتهم وحركاتهم، واجهيه بقوة ولا تكتمي الأمر، ضعا مبادئ جديدة لعلاقتكما مبنية على الوضوح والصراحة والإخلاص، ولا تنسي أفضال الدعاء" تُجيبه بألم: سأواجهه وإن لم يرتدع لن يكون هناك حل غير الانفصال".
ليسَ هناكَ أدنى منزلة من رجل يخون زوجته التي لا تستحق إلا أن تُصان.. ظنا منه بأنهُ رجل والرجل لا يُعاب، متجاهلا أن الرجولة أن تكون مخلصا أمينا، متناسيا أن أساس تلك العلاقة المقدسة الإخلاص، التي باركها الرحمن وسيكون مُحاسبا على أوزاره تلك، وعلى ما خَلَفهُ من ألم لتلكَ التي تُدعى زوجته.. قليلٌ من الضمير مطلب أيها الزوج.
تتحدث إحدى الجميلات المتزوجات إلى صديقتها فتقول معترفة بأنها مغرمة بأحدهم، وإنها تجد معه الاهتمام والحب والغنج والدلال الذي لا تجده عند زوجها، يوقظها بأجمل الكلمات، تلتقي معه فتشعر من خلال اللقاء بأنها الأنثى الأجمل في هذا الوجود، يهديها دون مناسبات، تغادر من عملها متوجهة إلى سيارتها فترى بعض الورد وبطاقة كتب بها بخط يده: "سأبقى أحبك حتى آخر نَفَس"، يتوسل إليها أن تتطلق من زوجها لتكون زوجته، تضيف: أما زوجي، فرجل لا ألقى منه إلا النكد، والطلبات التي لا تنتهي، وصفر من الاهتمام حتى كدتُ أموت. تستنكر صديقتها صنيعها وتشعر بأنها قد عُدمت الكلمات ففعلها عظيم وقررت بعد نصحها أن تمسحها من قائمة الصديقات.
ليسَ هناك أوضع مكانة من امرأة تطعن زوجها في شرفه وإن تراكمت الأسباب وساءت بهما الأحوال، فنحن لا نعالج الأمور المزرية بالرزايا، ولا نقتل القليل الجميل بالقبيح الآثم.. قليلٌ من الضمير مطلب أيتها الزوجة.
لقد تفاقم في الحقبة الأخيرة مرض: "العشيقة والعشيق" ومنهم من يسميه تهوينا للأمر "الصديقة والصديق"، فيكون الرجل متزوجا ولديه زوجة كالقمر وأخلاقها أقرب للكمال، وهو يعبث بهذه ويتسلى بتلك، يُحادث هذه وتُحادثه تلك. وفي المقابل تكون المرأة متزوجة رجلا مخلصا لا يعرف غير عمله وأسرته فتكافئه زوجته بخيانة لو سمع بها لوقع مشلولا أو ميتا.
هل فقد الناس الهمة لعمل المفيد ولطاعة صادقة أو علم نافع، ليبحثوا عن مُحبطات الأعمال وعن ذنوب تُميتُ القلوب وتنطفئ من خلالها نور الوجوه، يتسولون المشاعر بطريقة دنيئة وبمسميات وضيعة، أحقا مات الضمير؟ وانعدم الخوف من السميع البصير؟ّ!
أن تنتشر الخطيئة لا يعني أنها أصبحت حلالاً طيباً مباركاً فيه، تبقى الخطيئة خطيئة وإن تفشت بين الناس، فإياكَ ومايُسودُ صحيفة أعمالك، فإن لم تستح من نفسك فاستح من زوجك وإن لم تفعل فاستح من الناس وإن لم تفعل فاستح من رب الناس فإن لم تفعل، فاعلم أنهُ لا قلب لك.
يقول عبد الله بن المبارك:
رأيتُ الذنوبَ تُميتُ القلوبَ.. وقد يُورث الذل إدمانها
وتَركُ الذنوبِ حياةُ القلوبِ.. وخير لنفسكَ عصيانها
اللهم إنا نسألك قلوباً تقيةً نقيةً.. آمين

الاثنين، 26 نوفمبر 2012

" ارهاصات الحب.. "


 

تسألني صديقتي عن الزواج، فتخبرني متوشحة برداء الحيرة : " أيهما أفضل من وجهة نظرك؟ الزواج التقليدي؟ أم الزواج الناتج عن حب؟"

فابتسمت وسرحت بعيدا بعيد، نادتني لتعيدني إلى طاولة الحديث، فتعيد علي السؤال تارة أخرى..

صمتُ عميقا ثم قلت : فأما الزواج التقليدي، حيث تتزوجين من لا تعرفين، ولا يعرفك، تختبرينه بعد أن فات الفوت ، لتستكشفي طباعه، واسلوبه ومعاملته، وتتأقلمي مع طباعه وتتكيفي مع شخصيته، وهنا إما أن يولد حب جميل ، وإما أن يموت قبل أن يرى النور. فكم من علاقات زوجية جميلة يتشعشع منها الحب كانت في الأصل منبثقة من زواج تقليدي، ولكنها القلوب ، تميل إلى من تشاء ، وتصد عمن لا تشاء .

وأما الزواج الناتج عن الحب، فيأتي كامل الاوصاف في بادىء الأمر بحكم أن الزوجين قد عرفا بعضهما حتى النخاع، ليصطدما بأن الظنون خابت، فلا تعرف طباع المرء حتى تعاشره، وتعيش معه تحت سقف واحد، ولا تعرف سماته حتى تتحاورا تحت ظل قمر واحد، ومن هنا، يأتي التكيف والانسجام، فإذا كانا على قدر رفيع من التكيف قد كتبا على تلك العلاقة بدوام الحب وخلوده، وإن لبس كلاهما ثياب العناد، ووأدوا الانسجام وهو في مهاده، فقد قتلوا سنوات الحب ودفنوه دون صلاة الجنازة.

قد يتزوج المرء زواجا تقليديا ويولد من خلاله حبا عظيما، فيكون الزواج مكللا بالنجاح، ويكون ذلك الحب كالشمس التي لا تعرف المغيب، أوقد لا تشرق الشمس البتة.

وقد يتزوج المرء بعد ارهاصات حب عظيم ليدخل ذلك الحب زنزانة الفشل ، وليموت في مقابر المحبين ، شهيدا مدبرا ليس مقبل، أوقد يكبر الحب ويبقى ويعظم.

فالأمر ليس في كيفية الزواج، ولا في كيفية ميلاد الحب ، بل في كيفيه إبقاءه ، وفي منهج تخليده ، ولا يكون ذلك إلا إذا ماتت الشروط، وانتهج المحبين الحب المطلق اللامشروط، والذي من خلاله تذوب الشخصيات في بعضها وتنصهر تحت حرارة حب طاهر، فيكون بعدها الزوجان قد انسجما جسدا وروحا وفكرا ليكونا أقرب إلى المعزوفة الموسيقية منهم إلى الصيرورة البشرية.

يُخبرني أحد الأدباء في أحد الجلسات الحوارية، أن الرجل إذا أحب ، فإن أغلى هديه يمنحها حبيبته الزواج وغالبا ماتكون تلكَ الهدية الأخيرة والتي هي في الواقع بمثابة المدمر الأعظم للحب ، ولكن هيهات أن يكون قوله صحيحا  وإن صدق فلن يكون إلا في معاجم السلبيين،  فكم من حولي من قصص حب بقت خالدة ، أرى وداد الزوجين وكأني أرى فيلما رومنسيا  تم أبداع التأليف فيه والتمثيل والاخراج.

يقول أحد الازواج ، واضعا قوانين لعلاقته الزوجية حتى لا يشوبها شائب : " الصراحة  والتسامح أساس العلاقة الناجحة، فعلم زوجته أن تكون معه صريحة في كل المواقف التي تزعجها حتى إذا ماصرحت بالأمروناقشا الأمر أدلى كل منهما بدلوه وسامح كل منهما الآخر وابتعدا عن مزعجات الأمور، وبذلك يُحفظ الحب ".
اللهم اسعد كل زوجين اثنين.. آمين
 
 
 
رحاب شريف 

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

عزيزي الرجل





تدخلُ علينا "أم فلان" المجلس وتأخذ مكانها بالقرب من الصديقة الأقرب لتستطيع الدردشة الجانبية، والفضفضة الخاصة، بعد السلام على الموجودات، وبعد تعليقات من هنا وهناك، تبدأ اختنا " أم فلان" بالدردشة مع من تقربها، فتقول: " لا يعرف زوجى أيا من حركات الذوق والرومانسية، لا يُفكرأن يمدح يوماً جميلَ ملابسي، أو أن يمنحنى عيدية كباقى الأزواج، يمضى الآسيوى بائع الورد فى الشارع بقربه دون أن يُتعب نفسه بأن يدفع 10 ريالات ليمنحنى وردة وأنا بقربه فى السيارة ويرفقها بكلمة" أحبكِ"، حين نخرج للعشاء معاً يُبادر هو بطلبه وينسى أن يُقدمنى لأطلب أنا أولاً، قبل النوم لا يهمس بأُذنى "أحبكِ وأنتِ أقربُ لى من النَفَسِ لنفسي"، بل يقلب مخدته ليُسمعنى "شخيره"  الذى هو بمثابة:"تصبحين على خير "، يمضى عيد ميلادى وينتهى ولا يُكلف نفسه بأن يفاجئنى بطريقة مُبتكرة أو يهدينى ما أحب أو أتمنى"، يمضى عيد زواجنا من كل عام دون هدايا أو ورود أو حتى التهانى رغم أنه لا ينسى أعياد ميلاد صحبه أبدا"، تصمت صديقتها بعض الشئ فتقول: "عظم الله أجركِ وصبرٌ جميل"، بعض الرقة أيها الزوج المصون، هل ستكلفكَ شيئا؟
تُحدثنى صديقتى عن زميلتها التى معها بنفس المكتب فتقول: " زوجها الزوج الذى تتمناه جميع النساء، سألتها "وكيف ذلك؟" فتخبرني:" أنه رغم مضى سنوات وسنوات من زواجها الا أنهُ مازال يُطالبها أن تكلمه حالما تصل الى العمل بسلام ليطمئن عليها، يُحادثها بين كل ساعة وساعة ليطمئن على أمورها، سير العمل، هل تناولت فطورها؟ وماذا تناولت؟ هل تناولت غداءها؟ كيف مزاجها؟ ما البرنامج بعد العمل؟ يُغدق عليها بالمسجات من خلال "الواتس اب" بين كل حين وحين بأنه يُحبها ولا غنى لهُ عنها، وأنها لهُ السَكَن والراحة"، فى عيد ميلادها الأخير هاتفها بأن تجهز ليخرجا ليتناولا العشاء معا احتفالا بعيد ميلادها، اكتشفت وهى تستعد للخروج أن أغلب الأشياء التى تستعملها غير موجودة، فمنظفات الوجه اليومية ليست فى مكانها، ووصلة الشاحن لهاتفها الجوال ليس فى مكانه، هاتفتهُ تسأله عن ذلك فاخبرها بأنه لا يدرى عن الأمر شيئا ربما الأطفال عبثوا فخربوا وضيعوا..، واصلت هى لتجهز، لتلبى دعوته، أخذها الى مطعمها المفضل  الذى يُعد من أرقى مطاعم البلد، وفى الطريق منحها "حقيبة " من طراز معين، غالية الثمن، وكأنهُ يقول لها:" أتمنى أن أمنحك الكون بمجمله، وحينما وصلا المطعم ألبسها خاتما مرصعا بالألماس هدية أخرى وكأنه يقول لها:"فى مثل هذا اليوم وُلدتِ لتكونى لي، لى وحدى فقط"، وبعد أن غادرا المطعم، ظنت أن الاحتفال قد انتهى، أخرج لها من جيبه بطاقة دعوة صممها بنفسه وطلب منها أن تقرأ، فاذا بها بطاقة دعوة لقضاء ليلة معا فى أحد أجمل فنادق البلد، لتتذكر فى تلك اللحظة أغراضها ذات الاستعمال اليومى التى اختفت، وصرح لها أنهُ كذب عليها حينما تفقدتهم! لأنه جهز جميع ما تحتاج لقضاء تلك الليلة معا". صديقتى وهى تُخبرنى بهذه القصة تقول: " فى كل المناسبات يُفاجئها بمفاجأة أجمل من تلكَ التى قبلها، فتواصل: "فى عيد زواجهما الأخير أرسل اليها باقة من ورد الزنبق الى المكتب مع هدية أبهجتها جدا"، كنتُ سعيدة جداً وأنا أسمع صديقتى تتكلم عن هذا الزوج، الذى يُغدق على زوجته بالاهتمام والرعاية والرقة المتناهية"، كنتُ أشعر أن جسدى على الأرض وروحى ترقص بين السحاب سعادةً وبهجة أن هناكَ قصصا جميلة كتلك التى سمعت، أيصعبُ أن يكون جميع الرجال بتلك الرقة و"الرومانسية"، ليبهجوا قلب امرأة تُفنى حياتها لخدمته؟ قليلٌ من الجهد أيها الرجل الجلمود هل سيكلفكَ شيئا..!
هناكَ بعض من الكلمات، والحركات،  حتى السكنات تغير ترتيب الكون من حول زوجتك، فكلمة:"أحبكِ" بين حين وحين، المفاجآت الجميلة، وتذكر اللحظات الرائعة، ومناسبات الأعياد،اللمسات الرقيقة  تُضفى لقلب المرأة سعادة مابعدها سعادة، لعلها لا تُكلف شيئا، ولكنها للمرأة حياة، عزيزى الرجل،بعض الرقة لمن تبذلُ لكَ مهجتها لتسعدك.. هل ستكلفكَ شيئا؟!
بعض الناس يستخف بتلك الحركات ويعتبرها من تفاهات الأمور، ولا يدرى كيف تُبهج المرأة وان بلغت من العمر عتيا، ولعلى بهذا القول أتكلم عن مبدأ يعم لا يخص، المرأة أما وأختا وزوجة.
أخى أحمد، حينما أتسوق معه، أشعر معه بمتعة كبيرة، يُغدق على بحنان لو قُسم على أهل الأرض لكفاهم، يمسك بيدى فى أثناء تسوقنا، يُخبرنى برأيه فى كل شيء أود أن ابتاعه، يحمل عنى الأكياس مهما خف وزنها، لم أسمع منه يوما أى تذمر أو حتى مَلَّ من طول التسوق أو ما شابه، يُراقب نظراتى ليعرف ما يعجبنى وما لا يعجبنى ثم يُفاجئنى بعد حين بأنه اشترى لى جميع ما أعجبنى فى ذلك اليوم ولم اشتريه لسبب أو لآخر، دائما أقول له: "هنيئا لمن ستكون زوجتكَ يا أخي..".
تلكَ الرقة اذا مزجتها بشخصيتك والكلمات الحانية لو غمستها بلسانك، والعاطفة المؤججة لو خلطتها بأنفاسك انما تزيد من رجولتك لا تُنقص.. لا تُنقص منها شيئا، وتزيد من حسناتك الحسنات، فتكون بهذا الجهد البسيط قد أسعدت أهلك، وخيركم خيركم لأهله.
اللهم اجعلنا من خير الناس لأهله وذويه، اللهم آمين



رحاب شريف
@rehabsharif

الأحد، 11 نوفمبر 2012

اللعبة القذرة



لا أحب السياسة ولا أقربها، ولا أحب هذه اللعبة القذرة التي تُفرق الأحبة، ما أعتدت في حياتي تلويث يدي بألعاب كتلك، ولكني اليوم حملت قلما ثقيلا، وقررتُ أن أكتب.
رددنا في النشيد الوطني الأسبق: "بحريننا .. بلد الامان..وطن الكرام..الخ"، وكنت أردد النشيد الوطني في صغري وأنا أشعر بأن كل قطرة في عروقي تنشد معي، فهي فعلا كما كنتُ ، وكنتم تنشدون.
أختلفت مذاهبنا وأختلفت  فينا الطوائف والأديان والنُحل، ولكنا لا نختلف، فنحن بني البشرتربطنا الصفات الانسانية التي لا يموت الوداد فيها وان ساد الاختلاف في الرأي والتوجه، صفات تربطنا برباط وثيق لا ينفك أبدا.
مرت أزمة البحرين وانتهت، ولكن العداء بين الطوائف لم ينتهي، والحقد الدفين أخذ يتفاقم ويتكاثرفي قلوب قد امتلئت بالرحمة في غابر الازمان، باتت الطوائف تقاطع بعضها، وتهاجم بعضها،وتقاتل بعضها، وتكفر بعضها وكأنها الله الذي لا إله إلا هو، ألسنا نحنُ خيرَ أمة أخرجت للناس ، نحن الذي نسجد لله أن يطهر نفوسنا من الغل والحسد والضغينة، نحن الذين نصلي في اتجاه قبلة واحدة، ونؤمن بكتاب واحد ونبي واحد، نحن الذين نتفق في الأصول وإن اختلفنا في الفروع، أتفرقنا الألعاب القذرة!
حينما كنتُ صغيرة، كنتُ أحلم بتحرير الأقصى ، وباتحاد الجيوش العربية، وتوحد النفوس الأبية، أأكبر ويصغر حلمي معي؟ أأصبحتُ اليوم بعد أن أشتد عودي وكبرت، أحلم بأن تتوحد صفوف بلدي الصغير! بعد أن كنتُ أحلم أن تتوحد الأمم لنصرة فلسطين العظيمة.
جميع الطوائف تطالب بحقوق معينة، أما آن أوان الحضارة؟، فنسطر المطالب لنرفعها برقي لمن يحكُمنا برقي وطيب وحلم، أنعلم الصغار الحوار الإيجابي ونكون في ذلك أحوج منهم إليه! أندرب الناس الايجابية ونحن نفتقر لقليل منها؟ أماتت فينا النخوة أن بات من شعبنا من يشكونا عند دول الضلال ليظنها الحليفة والمناصرة وهي التي ستنصر البلاد ليعمها الامان.
لستُ بهذه السطور ألوم طائفة دون الأخرى، أنا بهذه السطور ألوم شعب أخذنا للوراء مئة عام، لنبحث من جديد عن بصيص نور يلم شملنا وعن سحابة خير تظلنا من جديد.
نعم أنا سنية، وأحب أرضي وجميع من عليها، ولا أقاطع أو أشمت أو أتمذهب بمذاهب العنصرية التي دهسها الظلام فأفلت. نحن لله جنود على أرض هذه البلاد لنعمرها العمران الأخلاقي الحضاري، ونحميها ونحتمي بها، ولننشر الحب والسلام، والأمن والأمان. أوليست طاقة الحب أقوى وأعظم؟ أما فاز غاندي بقوة السلام؟ أما تتحرك ذرات الكون كله بالحب؟ أما انتصر مانديلا بنور السلام والحب المنبثق من كل خلايا جسده؟ ألسنا أولى بتطبيق السلام ونحنُ أبناء الإسلام؟ ونحنُ الذين ننشر السلام قولا في اليوم عشرات المرات: ب" السلام عليكم"، أحان أن ننشرذلك فعلا؟
قد يضحك البعض من كلماتي التي يظن أنها مثالية  في عالم لا يعرف المثالية، إلا أن الذي يستخف بكلمات سطرتُها قد جَهِلَ قوة الحب والسلام، فهي أعظم من الدبابة والبندقية والرصاص.فجربوا.

 

رحاب شريف
@rehabsharif
د

الاثنين، 5 نوفمبر 2012

" فلربما دار الزمان"




دخلتُ أحد "الصالونات" النسائية والذي يُعد من أكبر مراكز التجميل بالبلد، أخبرتُ المشرفة هناك عن الخدمات التي أُريدها، أرشدتني إلى الغرفة المعنية وتوجهتُ إليها، وصلت إلى الغرفة وأخذت مقعدي أنتظر العاملة في الصالون لتأتي ، في تلك الأثناء لفتت انتباهي زبونة تجلس كالطاووس، ووجهها متمعر كأنه وجه فرعون،رافعة حاجبيها بطريقة غريبة وكأنها تصيح بالناس "مَنْ مِثلي!؟"، والعاملة "الفلبينية" تحاول طوال فترة خدمتها أن تتسول منها ابتسامة ولكن: " لا حياة لمن تنادي" ؛ بعضُ التواضع يا أُخية، ابتسامة رقيقة فقط! لمَ تبخلين بها؟ فلربما دار الزمان وتبدلت الأدوار.
صديقتي تعامل خادمتها في المنزل بمنتهى الاستهزاء والاستخفاف، وكأنها جاريتها التي اشترتها من سوق النخاسين بالمدينة، فتأمرها بطريقة قبيحة، وتجعل من ملابسها أكبر فكاهة بل وباب عظيم للضحك هي ومن حولها من أفراد العائلة. أختلفتُ معها كثيراً لتُغير في طريقة معاملتها لها ولكنها تجيب دائما ب: "الخدم ماينفع معاهم إلا كذا"! ؛ معاملة حسنة يا أُخية فلربما دار الزمان وصرتِ الخادمة وصارت هي المخدومة!
أحدهم يدخل "البقالة"، فيبدء يتفلسف على الآسيوي الفقير، ويحاول استعراض عضلاته التي لا يستطيع استعراضها في العمل أو في البيت أو حتى بين صحبه، فيتهمه بالغباء لأنه لم يفهم طلبه ، ويهدده بتسفيره وهو غير قادر أصلا على ذلك، ويبدء يدخل مداخل الفلسفة والسفسطة، ويستخدم أحباله الصوتيه جميعها دون اقتصاد! ، بعضُ الخُلُق النبيل يا رجل مع هذهِ الطبقة العاملة ، فلربما دار الزمان، وصار هو محلك وأصبحت أنتَ مكانه.
"أكرم حمد" الرئيس التنفيذي لإحدى شركات وساطة التأمين بالدوحة، يُبهرني بمعاملته الراقية مع جميع من حوله، بالأخص مع رجال الأمن ورجل النظافة والطبقة العاملة البسيطة، يُشعرني أنهُ لهم صديق بل وأكثر من ذلك، لم يَحُل بينهُ وبين المعاملة الحسنة أي حائل، فيُنادي رجل الأمن ب"البطل" ويحادثهُ تماماً كما لو يُحادث صديقه القريب! يعامله الجميع معامله خاصة وأراني أجزم أن هذه المعاملة جاءت من منطلق دماثة خلقهِ وطيبِ معشره؛ لا تخف يا "أكرم" حتى وإن دارَ الزمان، فمثلك لا يخف فقد سطرتَ في تاريخ حياتك سطور نيّرة لن تخذلك في قادمِ أيامك.
خالتي "فائزة" أكرمت خادمتها "حليمة" إكرام عجيب طيلة أيام خدمتها لها، حتى أكتشفت مؤخرا أنها مصابة "بسرطان الثدي"، تكفلت هي بعلاجها الباهظ، وتبدلت الأدوار بينهما فأضحت خالتي الخادمة وحليمة المخدومة،
وحين بلغت "حليمة" المرحلة الحرجة وقاربت على الوداع جهزت لها خالتي حقيبتها لتودع أهلها، وحين توفت هناك، في أثيوبيا حيثُ بلدها، أعلنت خالتي العزاء وفتحت منزلها لتستقبل المعزيين، بارك الله ل"فائزة" وجعلها فائزة في الدارين، ولعلي على يقين أن فائزة تعلم أن الزمان وإن دار لن يجور عليها فعندها من الرصيد الوضّاء مايكفي. 
حين تكون في موقف قوة، وتكون اليد العليا، وتكون قد عجبتَ بنفسك وعجبتَ بمالكَ وجمالكَ ومنصبكَ، وتخطيتَ العُجب بالنفس حتى وصلت إلى سوء الخلق والمعاملة فاقرأ على نفسك السلام فقد احترقت روحك قبل أن تُفارق جسدك. فما مالك إلا مال الله منحكَ اللهُ إياه لتعمل به خيرا وما جمالك إلا من خلق الله خلقكَ فسواكَ فأحسن خَلْقَك، فلا تعجب بما ليسَ لك وبما لم تخلق أوتصنع. قال بزدجمهر:" النعمة التي لا يحسد صاحبها عليها: التواضع، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه منه :العجب".
اللهم قربنا من حسن الخلق واجعلنا بهِ نعيش وعليهِ نموت وباعد بيننا وبين العجب بالنفس كما باعدت بين المشرق والمغرب. آمين.



 رحاب شريف
@rehabsharif



الاثنين، 15 أكتوبر 2012

رحمةٌ ووفاء!




تُحدثني صديقتي من المملكة العربية السعودية عن قصة إحدى زميلاتها في المصرف: " قصتها قصة غريبة، تزوجت في سن مبكرة  من رجل أحبته حتى اعتبرته زوجا وأبا وأخا وصديقا وزميلا، أحبته حبا عظيما وأنجبت منه أربعة من الأولاد، ربتهم بمهجتها وأمطرت عليهم بالرعاية والأهتمام، واصل زوجها في دراسته وتدرج في منصبه حتى بلغ منصبا عظيما، وحين بلغت هي من العمر الخمس والثلاثين سنة - أي عشرون سنة من العطاء- جاءها زوجها ليخبرها أنه أحب امرأة أخرى ويريد الطلاق منها ليتزوج بتلك، لن أدخل في تفاصيل صدمتها ولكنها في آخر المطاف أخذت تقبل يديه رجاءا كي يتزوج عليها فقد حلل الشرع من الزوجات أربع! ولكنه رفض لأن المرأة التي يريد ترفض أن تكون شريكتها في زوجها، وهذا ما حدث، طلقها وتزوج بتلك، دخلت في مرحلة اكتئاب شديدة ترفض أن ترى الناس وأن تعيش حياتها، وبعد مضي ثلاث سنين من التعب النفسي العنيف،خرجت إلى الدنيا جسدا بلا روح ، حسبي الله ونعم الوكيل"، هزتني قصتها جدا ،سألتُ صديقتي وكيف هي الآن ، فقالت لي: تعيش حياتها فقط وكأنها تعد الأيام حتى يتوفاها الله ، رغم إنها في ريعان شبابها!!

صديقتي الحبيبة، طلقها زوجها ليتزوج من زميلته في العمل لأنهُ أحبها، وهي في سنة أولى زواج! وتحملُ في أحشائها طفله، كانت ستقبل لو أنهُ تزوج عليها قبول الممتعض فهذا الحل أحلى الأمرين ، ولكنه طلقها دون رحمة ووفاء. ناسياً - وهو المُدعي للدين - موقف الرجل الذي ذهب إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يستشيره في طلاق امرأته، فقال له عمر: لا تفعل، فقال: ولكني لا أحبها، فقال له عمر : ويحك ألم تبنى البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم وأين الوفاء؟

من المُلام في هذا المقام؟ أنلوم الزوج لأنهُ لم يصن قلباً أحبه، ومهجة منحتهُ العطاءات، فانعدمت عندهُ صفات الوفاء وأراق بسكينه الرحمات كُلها، أم نلوم المرأة الدخيلة التي تشتري سعادتها بدراهم من نار، فتحرق قلب امرأة لا ذنب لها سوى إنها أعطت وأوفت. أم نلوم الاثنين معا؟ ومن منهم يستحق الملامة الأكبر، الزوج، فهو المطالب بالإخلاص والرحمة والوفاء وهو الأجدر بمراعاة مشاعرها من الغريب لانه القريب الحبيب! أم المرأة الدخيلة لأنها من جنسها وتحمل الرقة ذاتها وتعرف تماما ماقد تمرُ به !
من المواقف الجديرة بالذكر: موقف جميل رأيتهُ وأنا عائدة من رحلة قصيرة من البحرين الشقيقة في الإسبوع المنصرم، فحين حطت الطائرة أرض الدوحة كان الركاب ينزلون على سلم الطائرة لنصعد الباص الذي سينقلنا إلى المطار، ونحنُ في عملية النزول لفت انتباهي رجل مسن، يتجاوز الثمانين من عمره، محدودب الظهر، وزوجته التي في نفس المرحلة العمرية معه، ممسك بيدها، ليُعينها على النزول - وهو أحوج منها لمن يُعينه – وفي كل عتبة يخبرها " الدرج هذا متعب، أنتي بخير؟ ألحين بنوصل"، وهي تبتسم ابتسامة العروس وتقول له: " أنا بخير"، وحينما دخلنا الباص أجلسها على الكرسي الوحيد الذي لا يوجد غيره، ثم قام أحد الشباب بالتخلي عن كرسيه ليجلس الرجل الهرم على الكرسي في الطرف الآخر، كان كل دقيقة – دون مغالاة – ينادي زوجته : "حليمة أنتي بخير"، إذ كرسي حليمة "زوجته" في الجهة الآخرى من الباص: لتجيبه حليمة "بخير بخير". وحينما وصل الباص لأرض المطار وضع يده في يدها ثم تابعا خطواتهما واختفا عن أنظاري. كم كنت سعيدة في تلك الليلة وأنا أشاهد "حليمة" وزوجها في حُلّةٍ أبهى من حُلّة العروس والعريس في ليلة زواجهما. مُتكلل زوجها بالرحمة متوشح بالوفاء ناثراً عليها ورود العناية والحب، رددتُ في نفسي "هكذا المودة والرحمة وإلا فلا.." قيل قديما: " الحب المطلق يُطيل العمر".
قرأتُ منذ زمن مقال جميل للكاتب مصطفى محمود - رحمه الله – بعنوان: " الحب لا الرحمة نعم" ، يقول فيه: "الرحمة تحتوي على الحب بالضرورة والحب لا يشتمل على الرحمة، الرحمة أعمق من الحب وأصفى وأطهر،كلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية وقليل منا هم القادرون على الرحمة، ولذلك جاء كتاب الحكمة الأزلية " القرآن" الذي تنزل علينا بالحق يُذكرنا عند الزواج بالرحمة والمودة والسكن، ولم يذكر كلمة واحد عن الحب، محطما بذلك صنم العصر كما حطم أصنام الكعبة من قديم. و ليس في هذه الكلمات مصادرة للحب، أو إلغاء للشهوة و إنما هي توكيد، و بيان بأن ممارسة الحب و الشهوة بدون إطار من الرحمة و المودة و الشرعية هو عبث لابد أن ينتهي إلى الإحباط. و الحيوانات تمارس الحب و الشهوة و تتبادل الغزل. و إنما الإنسان وحده هو الذي امتاز بهذا الإطار من المودة و الرحمة و الرأفة، لأنه هو وحده الذي استطاع أن يستعلي على شهواته؛ فيصوم و هو جائع و يتعفف و هو مشتاق. و الرحمة ليست ضعفا و إنما هي غاية القوة، لأنها استعلاء على الحيوانية و البهيمية و الظلمة الشهوانية.الرحمة هي النور و الشهوة هي النار.و أهل الرحمة هم أهل النور و الصفاء و البهاء، و هم الوجهاء حقا.و القسوة جبن و الرحمة شجاعة.و لا يؤتى الرحمة إلا كل شجاع كريم نبيل والرحماء قليلون وهم أركان الدنيا وأوتادها التي يحفظ بها الله الارض ومن عليها."

نعم الرحماء قليلون وهم أركان الدنيا وأوتادها، اللهم إنا نسألك أن نكون منهم فنَرحم ونُرحم..آمين.


رحاب شريف
@rehabsharif

الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

" مستحيل!"


حين أذهب مع صديقاتي إلى مجمع في عطلة نهاية الاسبوع للاستمتاع بمشاهدة فيلم سينمائي، اسمعهن يتذمرن طوال الطريق خوفاً من أن نتأخر عن موعد الفيلم، فالدنيا زحمة ولن نجد موقف للسيارة، أبتسم في داخلي دون أن أجيب على عباراتهم الساخطة،لأنني على يقين أنني حالما أصل الى البوابة المعنية سأرى سيارة قد خرجت للتو من موقفها لأدخل أنا محلها،وهكذا يحصل دائما!
عندما تخرجتُ من البكالوريس، أعددتُ سيرتي الذاتية وذهبت من صديقتي لتوزيع السيرة في الأماكن التي أتمنى العمل بها، سألتني ونحن في عملية توزيع السير الذاتية: " كم تتمنين أن يكون راتبك؟" فأجبتها: بضعف الراتب الذي يحصل عليه الخريج، فنظرت إلي نظرة المستغرب ثم قالت: "مستحيل!"، أنا أعمل منذ ثلاث سنين ولم يبلغ راتبي ما تطمحين له وأنتي خريجة جديدة العهد. وحين توظفت الوظيفة الأولى لم أندهش أبدا عندما علمتُ من مسؤول الموارد البشرية أن الراتب كان تماما كما تمنيت!
عندما كنتُ صغيرة كنتُ أرى إبنة خالتي "ندى" صديقة حميمة لأخيها "خالد"، فكنت أقدس علاقتهما الجميلة، علاقة الأخوة والصداقة الحميمة التي قلما تتواجد، فتمنيتُ حينها علاقة كتلك مع دعائي لهما بأن تستمر هذه العلاقة الجميلة وتقوى، ولكن ظروف عدة حالت دون تحقق أمنيتي ، منها فارق العمر، حتى مضى الزمن واشتدَّ عود أخي أحمد، وتبلور فكره وتكونت شخصيته، فأصبحنا أقرب قريبين، تفوق علاقتنا الصداقة و الأخوة!
تحدثني أمي عندما كنتُ في المرحلة الثانوية عن نفسها واثنتين من صديقاتها فتقول: كنت مع صديقتيّ "عائشة ومريم" في إحدى الجلسات "البناتية" نتكلم عن زوج المستقبل فتحدثت كل فتاة عن الزوج الذي تتمنى ، فقالت أمي : "أتمنى أن أتزوج رجلا وسيما ، أبيض اللون، ذو لحية سوداء" وقالت عائشة: "أتمنى رجلا ملتزما ، يطبق السنة النبوية" أما مريم فقالت: " أتمنى رجلا غنيا ". تضيف والدتي : لقد حصلت كل واحدة منا على ما تمنت ، فأما أنا فقد تزوجت والدكِ، وأما عائشة فقد تزوجت عمكِ، رجل ملتزم ويحافظ على تطبيق السنة، وأما مريم فقد تزوجت رجلا من أغنياء البلد..!
عمر بن عبد العزيز كان يردد: " إن لي نفسا تواقة ما حققت شيئا إلا تاقت لما هو أعلى منه، تاقت نفسي إلى الزواج من إبنة عمي فاطمة بنت عبد الملك فتزوجتها، ثم تاقت نفسي إلى الامارة فوليتها، وتاقت نفسي إلى الخلافة فنلتها،والآن تاقت نفسي إلى الجنة، فأرجوا أن أكون من أهلها".
منذ زمن شاع صيت قانون كوني أسمه "قانون الجذب" الذي ينص على : "أن الانسان يجذب إليه الاشياء الايجابية أو السلبية". ولعل هذا القانون شرعي الجذور فقد حدثَ المصطفى صلى الله عليه وسلم عن ربه:  "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء"، وقد قالها الإمام الماوردي في كتاب "أدب الدين والدنيا": " أن القدر موكل بالمنطق" وفي هذا أيظا قال رسولنا الكريم :" أدعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة"، اليقين الشديد يُغير ترتيب الكون بأكمله من حولك فقط لتبلغ أنت مرادك، مهما صعب المنال.

اليقين في تحقق ماتريد، والعمل الدؤوب،والأخذ بالأسباب والدعاء المستمر، يُحقق المستحيل وكأنك صاحب العصا السحرية. تجاربي الجميلة في الحياة تجعلني أغيرُ في قول أبي الطيب المتنبي "ماكلُ ما يتمناهُ المرء يدركهُ .. تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن" إلى " بل كل ما يتمناهُ المرءُ يدركهُ .. باجتهادٍ ودعاءٍ وحقبة من الزمن".
رؤيتي في الحياة أرى تحققها كما أرى سطور مقالي هذا، رغم أن العديد يُعلق بأن ما أتمنى مستحيل، ولكني ابتسم في داخلي تماما كما ابتسم حين كان صحبي يسخط  خوفا من أن لا نجد موقف للسيارة في الزحام - مع فارق التشبيه - لأني أعلم بيقينٍ راسخ وظنٍ جميل وعملٍ متواصل أن التحقق قادم مهما طال الزمان، وكأن الشاعر يقولُ على لساني :
وإني لأدعوا الله حتى كأنني .. أرى بجميل الظن مالله صانع
بقوانين ربانية كهذا القانون، يجدر بنا أن نسابق الريح في العمل ، وأن تكون لنا همم تنطح الجبال، ومقاصد عالية علو السحاب. فليس من مانع يحول دون تحقق أمنياتك إلا أنت : ظنك وعملك، فأحسن الأول واجتهد بالآخر.
اللهم وفقنا لخير المقاصد ..آمين


 رحاب شريف
@rehabsharif