الاثنين، 26 نوفمبر 2012

" ارهاصات الحب.. "


 

تسألني صديقتي عن الزواج، فتخبرني متوشحة برداء الحيرة : " أيهما أفضل من وجهة نظرك؟ الزواج التقليدي؟ أم الزواج الناتج عن حب؟"

فابتسمت وسرحت بعيدا بعيد، نادتني لتعيدني إلى طاولة الحديث، فتعيد علي السؤال تارة أخرى..

صمتُ عميقا ثم قلت : فأما الزواج التقليدي، حيث تتزوجين من لا تعرفين، ولا يعرفك، تختبرينه بعد أن فات الفوت ، لتستكشفي طباعه، واسلوبه ومعاملته، وتتأقلمي مع طباعه وتتكيفي مع شخصيته، وهنا إما أن يولد حب جميل ، وإما أن يموت قبل أن يرى النور. فكم من علاقات زوجية جميلة يتشعشع منها الحب كانت في الأصل منبثقة من زواج تقليدي، ولكنها القلوب ، تميل إلى من تشاء ، وتصد عمن لا تشاء .

وأما الزواج الناتج عن الحب، فيأتي كامل الاوصاف في بادىء الأمر بحكم أن الزوجين قد عرفا بعضهما حتى النخاع، ليصطدما بأن الظنون خابت، فلا تعرف طباع المرء حتى تعاشره، وتعيش معه تحت سقف واحد، ولا تعرف سماته حتى تتحاورا تحت ظل قمر واحد، ومن هنا، يأتي التكيف والانسجام، فإذا كانا على قدر رفيع من التكيف قد كتبا على تلك العلاقة بدوام الحب وخلوده، وإن لبس كلاهما ثياب العناد، ووأدوا الانسجام وهو في مهاده، فقد قتلوا سنوات الحب ودفنوه دون صلاة الجنازة.

قد يتزوج المرء زواجا تقليديا ويولد من خلاله حبا عظيما، فيكون الزواج مكللا بالنجاح، ويكون ذلك الحب كالشمس التي لا تعرف المغيب، أوقد لا تشرق الشمس البتة.

وقد يتزوج المرء بعد ارهاصات حب عظيم ليدخل ذلك الحب زنزانة الفشل ، وليموت في مقابر المحبين ، شهيدا مدبرا ليس مقبل، أوقد يكبر الحب ويبقى ويعظم.

فالأمر ليس في كيفية الزواج، ولا في كيفية ميلاد الحب ، بل في كيفيه إبقاءه ، وفي منهج تخليده ، ولا يكون ذلك إلا إذا ماتت الشروط، وانتهج المحبين الحب المطلق اللامشروط، والذي من خلاله تذوب الشخصيات في بعضها وتنصهر تحت حرارة حب طاهر، فيكون بعدها الزوجان قد انسجما جسدا وروحا وفكرا ليكونا أقرب إلى المعزوفة الموسيقية منهم إلى الصيرورة البشرية.

يُخبرني أحد الأدباء في أحد الجلسات الحوارية، أن الرجل إذا أحب ، فإن أغلى هديه يمنحها حبيبته الزواج وغالبا ماتكون تلكَ الهدية الأخيرة والتي هي في الواقع بمثابة المدمر الأعظم للحب ، ولكن هيهات أن يكون قوله صحيحا  وإن صدق فلن يكون إلا في معاجم السلبيين،  فكم من حولي من قصص حب بقت خالدة ، أرى وداد الزوجين وكأني أرى فيلما رومنسيا  تم أبداع التأليف فيه والتمثيل والاخراج.

يقول أحد الازواج ، واضعا قوانين لعلاقته الزوجية حتى لا يشوبها شائب : " الصراحة  والتسامح أساس العلاقة الناجحة، فعلم زوجته أن تكون معه صريحة في كل المواقف التي تزعجها حتى إذا ماصرحت بالأمروناقشا الأمر أدلى كل منهما بدلوه وسامح كل منهما الآخر وابتعدا عن مزعجات الأمور، وبذلك يُحفظ الحب ".
اللهم اسعد كل زوجين اثنين.. آمين
 
 
 
رحاب شريف 

الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

عزيزي الرجل





تدخلُ علينا "أم فلان" المجلس وتأخذ مكانها بالقرب من الصديقة الأقرب لتستطيع الدردشة الجانبية، والفضفضة الخاصة، بعد السلام على الموجودات، وبعد تعليقات من هنا وهناك، تبدأ اختنا " أم فلان" بالدردشة مع من تقربها، فتقول: " لا يعرف زوجى أيا من حركات الذوق والرومانسية، لا يُفكرأن يمدح يوماً جميلَ ملابسي، أو أن يمنحنى عيدية كباقى الأزواج، يمضى الآسيوى بائع الورد فى الشارع بقربه دون أن يُتعب نفسه بأن يدفع 10 ريالات ليمنحنى وردة وأنا بقربه فى السيارة ويرفقها بكلمة" أحبكِ"، حين نخرج للعشاء معاً يُبادر هو بطلبه وينسى أن يُقدمنى لأطلب أنا أولاً، قبل النوم لا يهمس بأُذنى "أحبكِ وأنتِ أقربُ لى من النَفَسِ لنفسي"، بل يقلب مخدته ليُسمعنى "شخيره"  الذى هو بمثابة:"تصبحين على خير "، يمضى عيد ميلادى وينتهى ولا يُكلف نفسه بأن يفاجئنى بطريقة مُبتكرة أو يهدينى ما أحب أو أتمنى"، يمضى عيد زواجنا من كل عام دون هدايا أو ورود أو حتى التهانى رغم أنه لا ينسى أعياد ميلاد صحبه أبدا"، تصمت صديقتها بعض الشئ فتقول: "عظم الله أجركِ وصبرٌ جميل"، بعض الرقة أيها الزوج المصون، هل ستكلفكَ شيئا؟
تُحدثنى صديقتى عن زميلتها التى معها بنفس المكتب فتقول: " زوجها الزوج الذى تتمناه جميع النساء، سألتها "وكيف ذلك؟" فتخبرني:" أنه رغم مضى سنوات وسنوات من زواجها الا أنهُ مازال يُطالبها أن تكلمه حالما تصل الى العمل بسلام ليطمئن عليها، يُحادثها بين كل ساعة وساعة ليطمئن على أمورها، سير العمل، هل تناولت فطورها؟ وماذا تناولت؟ هل تناولت غداءها؟ كيف مزاجها؟ ما البرنامج بعد العمل؟ يُغدق عليها بالمسجات من خلال "الواتس اب" بين كل حين وحين بأنه يُحبها ولا غنى لهُ عنها، وأنها لهُ السَكَن والراحة"، فى عيد ميلادها الأخير هاتفها بأن تجهز ليخرجا ليتناولا العشاء معا احتفالا بعيد ميلادها، اكتشفت وهى تستعد للخروج أن أغلب الأشياء التى تستعملها غير موجودة، فمنظفات الوجه اليومية ليست فى مكانها، ووصلة الشاحن لهاتفها الجوال ليس فى مكانه، هاتفتهُ تسأله عن ذلك فاخبرها بأنه لا يدرى عن الأمر شيئا ربما الأطفال عبثوا فخربوا وضيعوا..، واصلت هى لتجهز، لتلبى دعوته، أخذها الى مطعمها المفضل  الذى يُعد من أرقى مطاعم البلد، وفى الطريق منحها "حقيبة " من طراز معين، غالية الثمن، وكأنهُ يقول لها:" أتمنى أن أمنحك الكون بمجمله، وحينما وصلا المطعم ألبسها خاتما مرصعا بالألماس هدية أخرى وكأنه يقول لها:"فى مثل هذا اليوم وُلدتِ لتكونى لي، لى وحدى فقط"، وبعد أن غادرا المطعم، ظنت أن الاحتفال قد انتهى، أخرج لها من جيبه بطاقة دعوة صممها بنفسه وطلب منها أن تقرأ، فاذا بها بطاقة دعوة لقضاء ليلة معا فى أحد أجمل فنادق البلد، لتتذكر فى تلك اللحظة أغراضها ذات الاستعمال اليومى التى اختفت، وصرح لها أنهُ كذب عليها حينما تفقدتهم! لأنه جهز جميع ما تحتاج لقضاء تلك الليلة معا". صديقتى وهى تُخبرنى بهذه القصة تقول: " فى كل المناسبات يُفاجئها بمفاجأة أجمل من تلكَ التى قبلها، فتواصل: "فى عيد زواجهما الأخير أرسل اليها باقة من ورد الزنبق الى المكتب مع هدية أبهجتها جدا"، كنتُ سعيدة جداً وأنا أسمع صديقتى تتكلم عن هذا الزوج، الذى يُغدق على زوجته بالاهتمام والرعاية والرقة المتناهية"، كنتُ أشعر أن جسدى على الأرض وروحى ترقص بين السحاب سعادةً وبهجة أن هناكَ قصصا جميلة كتلك التى سمعت، أيصعبُ أن يكون جميع الرجال بتلك الرقة و"الرومانسية"، ليبهجوا قلب امرأة تُفنى حياتها لخدمته؟ قليلٌ من الجهد أيها الرجل الجلمود هل سيكلفكَ شيئا..!
هناكَ بعض من الكلمات، والحركات،  حتى السكنات تغير ترتيب الكون من حول زوجتك، فكلمة:"أحبكِ" بين حين وحين، المفاجآت الجميلة، وتذكر اللحظات الرائعة، ومناسبات الأعياد،اللمسات الرقيقة  تُضفى لقلب المرأة سعادة مابعدها سعادة، لعلها لا تُكلف شيئا، ولكنها للمرأة حياة، عزيزى الرجل،بعض الرقة لمن تبذلُ لكَ مهجتها لتسعدك.. هل ستكلفكَ شيئا؟!
بعض الناس يستخف بتلك الحركات ويعتبرها من تفاهات الأمور، ولا يدرى كيف تُبهج المرأة وان بلغت من العمر عتيا، ولعلى بهذا القول أتكلم عن مبدأ يعم لا يخص، المرأة أما وأختا وزوجة.
أخى أحمد، حينما أتسوق معه، أشعر معه بمتعة كبيرة، يُغدق على بحنان لو قُسم على أهل الأرض لكفاهم، يمسك بيدى فى أثناء تسوقنا، يُخبرنى برأيه فى كل شيء أود أن ابتاعه، يحمل عنى الأكياس مهما خف وزنها، لم أسمع منه يوما أى تذمر أو حتى مَلَّ من طول التسوق أو ما شابه، يُراقب نظراتى ليعرف ما يعجبنى وما لا يعجبنى ثم يُفاجئنى بعد حين بأنه اشترى لى جميع ما أعجبنى فى ذلك اليوم ولم اشتريه لسبب أو لآخر، دائما أقول له: "هنيئا لمن ستكون زوجتكَ يا أخي..".
تلكَ الرقة اذا مزجتها بشخصيتك والكلمات الحانية لو غمستها بلسانك، والعاطفة المؤججة لو خلطتها بأنفاسك انما تزيد من رجولتك لا تُنقص.. لا تُنقص منها شيئا، وتزيد من حسناتك الحسنات، فتكون بهذا الجهد البسيط قد أسعدت أهلك، وخيركم خيركم لأهله.
اللهم اجعلنا من خير الناس لأهله وذويه، اللهم آمين



رحاب شريف
@rehabsharif

الأحد، 11 نوفمبر 2012

اللعبة القذرة



لا أحب السياسة ولا أقربها، ولا أحب هذه اللعبة القذرة التي تُفرق الأحبة، ما أعتدت في حياتي تلويث يدي بألعاب كتلك، ولكني اليوم حملت قلما ثقيلا، وقررتُ أن أكتب.
رددنا في النشيد الوطني الأسبق: "بحريننا .. بلد الامان..وطن الكرام..الخ"، وكنت أردد النشيد الوطني في صغري وأنا أشعر بأن كل قطرة في عروقي تنشد معي، فهي فعلا كما كنتُ ، وكنتم تنشدون.
أختلفت مذاهبنا وأختلفت  فينا الطوائف والأديان والنُحل، ولكنا لا نختلف، فنحن بني البشرتربطنا الصفات الانسانية التي لا يموت الوداد فيها وان ساد الاختلاف في الرأي والتوجه، صفات تربطنا برباط وثيق لا ينفك أبدا.
مرت أزمة البحرين وانتهت، ولكن العداء بين الطوائف لم ينتهي، والحقد الدفين أخذ يتفاقم ويتكاثرفي قلوب قد امتلئت بالرحمة في غابر الازمان، باتت الطوائف تقاطع بعضها، وتهاجم بعضها،وتقاتل بعضها، وتكفر بعضها وكأنها الله الذي لا إله إلا هو، ألسنا نحنُ خيرَ أمة أخرجت للناس ، نحن الذي نسجد لله أن يطهر نفوسنا من الغل والحسد والضغينة، نحن الذين نصلي في اتجاه قبلة واحدة، ونؤمن بكتاب واحد ونبي واحد، نحن الذين نتفق في الأصول وإن اختلفنا في الفروع، أتفرقنا الألعاب القذرة!
حينما كنتُ صغيرة، كنتُ أحلم بتحرير الأقصى ، وباتحاد الجيوش العربية، وتوحد النفوس الأبية، أأكبر ويصغر حلمي معي؟ أأصبحتُ اليوم بعد أن أشتد عودي وكبرت، أحلم بأن تتوحد صفوف بلدي الصغير! بعد أن كنتُ أحلم أن تتوحد الأمم لنصرة فلسطين العظيمة.
جميع الطوائف تطالب بحقوق معينة، أما آن أوان الحضارة؟، فنسطر المطالب لنرفعها برقي لمن يحكُمنا برقي وطيب وحلم، أنعلم الصغار الحوار الإيجابي ونكون في ذلك أحوج منهم إليه! أندرب الناس الايجابية ونحن نفتقر لقليل منها؟ أماتت فينا النخوة أن بات من شعبنا من يشكونا عند دول الضلال ليظنها الحليفة والمناصرة وهي التي ستنصر البلاد ليعمها الامان.
لستُ بهذه السطور ألوم طائفة دون الأخرى، أنا بهذه السطور ألوم شعب أخذنا للوراء مئة عام، لنبحث من جديد عن بصيص نور يلم شملنا وعن سحابة خير تظلنا من جديد.
نعم أنا سنية، وأحب أرضي وجميع من عليها، ولا أقاطع أو أشمت أو أتمذهب بمذاهب العنصرية التي دهسها الظلام فأفلت. نحن لله جنود على أرض هذه البلاد لنعمرها العمران الأخلاقي الحضاري، ونحميها ونحتمي بها، ولننشر الحب والسلام، والأمن والأمان. أوليست طاقة الحب أقوى وأعظم؟ أما فاز غاندي بقوة السلام؟ أما تتحرك ذرات الكون كله بالحب؟ أما انتصر مانديلا بنور السلام والحب المنبثق من كل خلايا جسده؟ ألسنا أولى بتطبيق السلام ونحنُ أبناء الإسلام؟ ونحنُ الذين ننشر السلام قولا في اليوم عشرات المرات: ب" السلام عليكم"، أحان أن ننشرذلك فعلا؟
قد يضحك البعض من كلماتي التي يظن أنها مثالية  في عالم لا يعرف المثالية، إلا أن الذي يستخف بكلمات سطرتُها قد جَهِلَ قوة الحب والسلام، فهي أعظم من الدبابة والبندقية والرصاص.فجربوا.

 

رحاب شريف
@rehabsharif
د

الاثنين، 5 نوفمبر 2012

" فلربما دار الزمان"




دخلتُ أحد "الصالونات" النسائية والذي يُعد من أكبر مراكز التجميل بالبلد، أخبرتُ المشرفة هناك عن الخدمات التي أُريدها، أرشدتني إلى الغرفة المعنية وتوجهتُ إليها، وصلت إلى الغرفة وأخذت مقعدي أنتظر العاملة في الصالون لتأتي ، في تلك الأثناء لفتت انتباهي زبونة تجلس كالطاووس، ووجهها متمعر كأنه وجه فرعون،رافعة حاجبيها بطريقة غريبة وكأنها تصيح بالناس "مَنْ مِثلي!؟"، والعاملة "الفلبينية" تحاول طوال فترة خدمتها أن تتسول منها ابتسامة ولكن: " لا حياة لمن تنادي" ؛ بعضُ التواضع يا أُخية، ابتسامة رقيقة فقط! لمَ تبخلين بها؟ فلربما دار الزمان وتبدلت الأدوار.
صديقتي تعامل خادمتها في المنزل بمنتهى الاستهزاء والاستخفاف، وكأنها جاريتها التي اشترتها من سوق النخاسين بالمدينة، فتأمرها بطريقة قبيحة، وتجعل من ملابسها أكبر فكاهة بل وباب عظيم للضحك هي ومن حولها من أفراد العائلة. أختلفتُ معها كثيراً لتُغير في طريقة معاملتها لها ولكنها تجيب دائما ب: "الخدم ماينفع معاهم إلا كذا"! ؛ معاملة حسنة يا أُخية فلربما دار الزمان وصرتِ الخادمة وصارت هي المخدومة!
أحدهم يدخل "البقالة"، فيبدء يتفلسف على الآسيوي الفقير، ويحاول استعراض عضلاته التي لا يستطيع استعراضها في العمل أو في البيت أو حتى بين صحبه، فيتهمه بالغباء لأنه لم يفهم طلبه ، ويهدده بتسفيره وهو غير قادر أصلا على ذلك، ويبدء يدخل مداخل الفلسفة والسفسطة، ويستخدم أحباله الصوتيه جميعها دون اقتصاد! ، بعضُ الخُلُق النبيل يا رجل مع هذهِ الطبقة العاملة ، فلربما دار الزمان، وصار هو محلك وأصبحت أنتَ مكانه.
"أكرم حمد" الرئيس التنفيذي لإحدى شركات وساطة التأمين بالدوحة، يُبهرني بمعاملته الراقية مع جميع من حوله، بالأخص مع رجال الأمن ورجل النظافة والطبقة العاملة البسيطة، يُشعرني أنهُ لهم صديق بل وأكثر من ذلك، لم يَحُل بينهُ وبين المعاملة الحسنة أي حائل، فيُنادي رجل الأمن ب"البطل" ويحادثهُ تماماً كما لو يُحادث صديقه القريب! يعامله الجميع معامله خاصة وأراني أجزم أن هذه المعاملة جاءت من منطلق دماثة خلقهِ وطيبِ معشره؛ لا تخف يا "أكرم" حتى وإن دارَ الزمان، فمثلك لا يخف فقد سطرتَ في تاريخ حياتك سطور نيّرة لن تخذلك في قادمِ أيامك.
خالتي "فائزة" أكرمت خادمتها "حليمة" إكرام عجيب طيلة أيام خدمتها لها، حتى أكتشفت مؤخرا أنها مصابة "بسرطان الثدي"، تكفلت هي بعلاجها الباهظ، وتبدلت الأدوار بينهما فأضحت خالتي الخادمة وحليمة المخدومة،
وحين بلغت "حليمة" المرحلة الحرجة وقاربت على الوداع جهزت لها خالتي حقيبتها لتودع أهلها، وحين توفت هناك، في أثيوبيا حيثُ بلدها، أعلنت خالتي العزاء وفتحت منزلها لتستقبل المعزيين، بارك الله ل"فائزة" وجعلها فائزة في الدارين، ولعلي على يقين أن فائزة تعلم أن الزمان وإن دار لن يجور عليها فعندها من الرصيد الوضّاء مايكفي. 
حين تكون في موقف قوة، وتكون اليد العليا، وتكون قد عجبتَ بنفسك وعجبتَ بمالكَ وجمالكَ ومنصبكَ، وتخطيتَ العُجب بالنفس حتى وصلت إلى سوء الخلق والمعاملة فاقرأ على نفسك السلام فقد احترقت روحك قبل أن تُفارق جسدك. فما مالك إلا مال الله منحكَ اللهُ إياه لتعمل به خيرا وما جمالك إلا من خلق الله خلقكَ فسواكَ فأحسن خَلْقَك، فلا تعجب بما ليسَ لك وبما لم تخلق أوتصنع. قال بزدجمهر:" النعمة التي لا يحسد صاحبها عليها: التواضع، والبلاء الذي لا يرحم صاحبه منه :العجب".
اللهم قربنا من حسن الخلق واجعلنا بهِ نعيش وعليهِ نموت وباعد بيننا وبين العجب بالنفس كما باعدت بين المشرق والمغرب. آمين.



 رحاب شريف
@rehabsharif