الخميس، 23 أغسطس 2012

"نصيب"



إحدى صديقات الطفولة أحبت شخصاً واستمرت علاقةُ الحب تلك ست سنين، وحينما "كَوّن" الشاب نفسه وكان قادراً على أن يُقدم على أمر الزواج، رفضت والدته قطعاً لاختلاف المذاهب بينهما،حاولت الفتاة المستحيل وحاول الشاب المستحيل، كل بطريقته،لكن الأم أبت أن تَتَم هذه الزيجة، فبقى الاثنان متمسكان بالعلاقة رغم مَمَات الأمل ، ورفض الأهل، باختصار.. شاءت الأقدار أن تُصاب والدة الشاب بسرطان الثدي،وأخذت تعاني المرض لمدة سنتين كاملتين،ومن ثم توفاها الله"رحمها الله رحمةً واسعة".
بعدَ زمن من وفاتها أقدمَ الشاب على أمر الزواج وتَمت الزيجة. اليوم لديهم من الأطفال اثنين وقد سمعتُ من إحدى صديقاتي أن الثالث في طريقه إلى النور. حينَ تمت تلكَ الزيجة جميعنا قُلنا : "سبحان الله..نصيب!".
اليوم تُحدثني جارتي عن صديقة عمرها "عبير" إذ تقول وهي تسرد لي القصة:  أحبت "عبير" أحد زملائها في الجامعة وأحبها، وبعد فترة سافرت إلى ألمانيا لمدة شهرين عند أحدى العائلات لتحسين مستوى اللغة الألمانية، وعند عودتها إلى الديار،كانت بصحبة فتاتين من ألمانيا رغبا أن يسكنوا مع إحدى العائلات ليتعلموا كذلك العربية. ماحدث أن عرّفت عبير "حبيبها وزوج المستقبل" على الفتاتين الألمانيتين، اكتشفت عبيرمصادفة بعد فترة  وجيزة خيانة حبيبها مع أحدى الألمانيتين لتسقط عبير مَغشي عليها، تألمت، أنهت العلاقة. تزوج حبيب "عبير" الألمانية تلك، وانتقل الى المانيا،وانجبت له بعد فترة ولداً جميلاً، في تلك الأثناء ،وقفت عبير مجدداً على قدميها واجتهدت فتخرجت من البكالوريس ومن ثم الماجستير،وحصلت بعدها على بعثة دراسية لدراسة الدكتوراه بفرنسا، حدث أن سمعَ حبيب "عبير" السابق، زوج الألمانية الحالي أن "عبير" بعد اثنتي عشرة سنة من انفصالهما، تتواجد الآن بفرنسا لدراسة الدكتوراه،حاول جاهداً بعد أن طلق الألمانية أن يعود أدراجه إلى عبير، لكنها رفضت، اجتهد كثيراً وحاول الوسائل كلها،قبلت به عبير مجدداً بعد أن خاض جميع الاختبارات التي وضعتها لهُ بامتياز، وتزوجا.
عندما سمعتُ تلك القصة، قلتُ لجارتي: " وكأنها من قصص الافلام" ولكني سرعان ما قلت: " سبحان الله .. " النصيب .. يصيب" ".
إحدى الفتيات تم طلب يدها من ابن الجيران،وهم يتبادلون اعجابا كبيرا منذ زمن بعيد،والعائلتين على وفاق كبير،تمت أمور الخطبة، ومراسيمها على أتم وجه،حتى جاءت ليلة الزواج، وحدث اختلافا نجهلهُ جميعا، هدم الزواج والحفل والارتباط!
أحيانا نظن ان الامور معقدة ولن تتم إلا بضربة عصا سحرية، ولكنها تتم ، لأن الله قدّر أن يَتم الأمر، وأحيانا نظن أن الأمور مُنسابة ومُتَيسرة ولكنها لا تكتمل وإن حاولت جميع الأُمم المستحيل.
إحدى الزميلات الجميلات تزوجت مرتين، وتمنت أن تنجب في كل زيجة، ولكنها لم تنل ما تتمنى، وحين انتهى زواجها الأول والثاني بالانفصال،دون أطفال، كانت تقول: ليتني انجبت طفلا على الأقل، ساق الله لها زوجاً أفضل من الأول والثاني بكثير، وتزوجته، وانجبت منهُ طفلةً كالقمر، رزقها الله المولود من الزوج الذي سيكون لها الزوج الابدي.. !
نظن أحيانا أن الامور سيئة كما ظاهرها لكنها مبطنة بخيرٍ عظيم، لا تُدركه عقولنا في حينها، ولكن لابد من حكمة ربانية في كل أمر يحدث، ذلك لأن الرحمن لا يأخذ أشياؤنا الجميلة ولكنهُ يَستبدلها بأشياء أجمل.
مِن القوانين الكونية الجميلة "قانون الجذب" الذي ينص على أن ما تفكر فيه وتؤمن به بعمق ويقين تحصل عليه ويتحقق، وأنا من أشد المؤمنات بذلك القانون إذ إنهُ قانون رباني قبل أي شي فاللهُ سبحانهُ يقول في الحديث القدسي: " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء".
الأمر الأعظم أن تفوض أمرك كلهُ لله عز وجل وتؤمن الإيمان التام أنهُ إن لم تحصل على ماتريد فاعلم إن"حكمة الله تُخفى بعض أحيانِ" وإنكَ في المستقبل القريب ستقول الحمدلله أن حدثَ كذا وكذا.
أعرفُ أحدى زميلات الدراسة الجامعية، يتيمة الام والاب، يحبها أحد الشباب الصالحين وتحبه حباً جماً، والدتهُ معارضة لهذا الزواج، والسبب أن الفتاة تكبر الشاب بسنتين. حاول الشاب المستحيل حتى بكى بين يدي والدته ليخبرها أنها حب حياته والأم متمسكة بالقرار دون جدوى. انفصلا للتو حين بدى لهم أن الزواج مستحيل. تواصلتُ معها حين عرفتُ منها بشأن الإنفصال واخبرتها : "لتعلمي أن الأيام القادمة حُبلى وستلد لكِ مولودا أجمل من ماضٍ أبكاكِ وأحرق مُقلتاكِ. فقط قولي: " توكلتُ على الله وكفى بالله وكيلا" بعمقٍ ويقين وانتظري منهُ الفرج الجميل فإن خيرالعبادة انتظار الفرج وتذكري أن الأمر كما نقول بلهجتنا العامية :"نصيب"، وهكذا فعلت.
لم يحدث شيء بشأن صاحبتي اليتيمة بعد ولكني كما متيقنة أن أسمي "رحاب"، متيقنة أن الله قد رسم لها مستقبل جميلاً ، بل وجميلاً جداً.

اللهم إنا توكلنا عليك التوكل الجميل.. فأنت نعم المولى ونعم الوكيل.



رحاب شريف
@rehabsharif



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق